الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال ابن زنجلة: سورة النمل:{طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين} 1.قوله عز وجل: {طس تلك} نون سين مخفاة عند التاء غير مدغمة إجماعا ولم يختلفوا عند التاء كما اختلفوا عند الميم والواو وذلك أن التاء أقرب إلى النون من الميم والواو ويعرف ذلك بأن تقول هي النون والتاء فترى لام التعريف تندغم في التاء كما تندغم في النون وتقول هي الواو والميم فتراها ظاهرة فلما قرب التاء من النون صارت النون مخفاة عندها.{أو ءاتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون} 7 قرأ عاصم وحمزة والكسائي {بشهاب قبس} منونا جعلوا القبس صفة للشهاب وتأويله بشهاب مقتبس قال الأخفش: وإن شئت كان بدلا منه وهو هو فمن أجل ذلك امتنع من إضافة الشهاب إلى القبس لأن العرب لا تكاد تضيف الأسماء إلى صفاتها إلا في شذوذ والأول قول الفراء.وقرأ الباقون {بشهاب قبس} مضافا فيكون على ضربين أحدهما ذكره اليزيدي فقال بشهاب قبس أي شعلة نار كما تقول أتيتك بشعلة نار والضرب الآخر ذكره الفراء قال الشهاب هو القبس فيضاف إلى نفسه لما اختلف لفظاه كقوله: {لحق اليقين} {ولدار الآخرة}.{حتى إذا أتوا على واد النمل} 17 وقف الكسائي على وادي بالياء قال الكسائي لا يتم إلا بالياء وإنما حذفوا في الوصل من أجل الساكن وهو اللام من النمل فإذا وقفت وقفت على الياء لأن العلة زالت، ووقف الباقون بغير ياء لأنها كتبت بغير ياء على الوصل وسقطت الياء من أجل الساكن.{ما لي لا ارى الهدهد أم كان من الغائبين} 2 قرأ ابن كثير وعاصم والكسائي وابن عامر {ما لي لا أرى الهدهد} بفتح الياء ها هنا وفي يس.وقرأ نافع وأبو عمرو بإسكان الياء ها هنا وفتح الياء هناك وأسكنهما حمزة.فمن فتح فعلى أصل الكلمة لأن الياء اسم مكني وكل مكني فإنه يبنى على حركة نحو التاء في قمت والكاف في كلمك وإنما فرق أبو عمرو بينهما لأن ما لي لا أرى الهدهد استفهام يصلح الوقف على مالي فإذا وقفت سكنت الياء ومالي لا أعبد بني الكلام فيه على الوصل فحرك الياء إذ لم ينو الوقف.{أو ليأتيني بسلطن مبين} 21 قرأ ابن كثير {أو ليأتينني} بنونين الأولى مشددة وهي نون التوكيد والثانية مع الياء اسم المتكلم.وقرأ الباقون {أو ليأتيني} بنون واحدة كرهوا الجمع بين ثلاث نونات فحذفوا واحدة كما قال إنا أعطيناك والأصل إننا.{فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين} 22 قرأ عاصم {فمكث غير بعيد} بفتح الكاف وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان مكث ومكث وكمل وكمل وحمض وحمض فهو ماكث وكامل والاختيار مكث بالفتح لأن فعل بالضم أكثر ما يأتي الاسم منه على فعيل نحو ظرف وكرم فهو ظريف وكريم ومن فعل بالفتح يأتي الاسم على فاعل تقول مكث فهو ماكث قال الله جل وعز ماكثين فيه أبدا ولا يكون من فعل بالضم فاعل إلا حرف واحد قالوا فره فهو فاره ورد الأصمعي ما سوى هذا.قرأ ابن كثير وأبو عمرو {وجئتك من سبأ} غير مصروف اسم أرض أو مدينة قال الزجاج من سبأ هي مدينة تعرف بمأرب من اليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام.وقرأ الباقون {من سبأ} مصروفا جعلوه اسما للبلد فيكون مذكرا سمي به مذكر.وقرأ القواس {من سبأ} ساكنة الهمزة لأن الاسم مؤنث وهو ثقيل والهمزة ثقيلة فلما اجتمع ثقيلان أسكن الهمزة تحقيقا.{وزين لهم الشيطن أعملهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون} 24 و25 قرأ الكسائي {فهم لا يهتدون ألا يا اسجدوا} بتخفيف اللام وألا تنبيه وبعدها يا التي ينادى بها والابتداء اسجدوا على الأمر بالسجود فالمعنى ألا يا قوم اسجدوا لله خلافا عليهم وحمدا لله لمكان ما هداكم فلم تكونوا مثلهم في الطغيان وهذا الكلام يكون منقطعا مما قبله على أن ما قبله تمام ويكون ما بعده كلاما معترضا من غير القصة الماضية إما من سليمان صلى الله عليه وإما من الهدهد على تأويل يا هؤلاء اسجدوا فلما كف ذكر هؤلاء اتصلت يا بقوله اسجدوا فصار يسجدوا كأنه فعل مضارع إذا أدرجت الكلام.والعرب تقول ألا يا ارحمونا أي الا يا هؤلاء ارحمونا لأن يا لا يلي الفعل إلا مع إضمار ومثله قول ذي الرمة:أي يا دار هذه كنت في سلامة.قال قطرب المعنى ألا يا قوم اسجدوا فحذفت الأسماء وقامت يا مقامها وكان هذا الحذف في النداء خاصة لأنه موضع حذف التنوين إذا قلت يا زيد.وقرأ الباقون {فهم لا يهتدون ألا يسجدوا} بالتشديد وحجتهم اختلفوا فيها فقال الزجاج من قرأ بالتشديد فالمعنى فصدهم لئلا يسجدوا أي صدهم الشيطان عن سبيل الهدى لئلا يسجدوا ف {يسجدوا} نصب بأن وعلامة النصب حذف النون.وقال اليزيدي المعنى وزين لهم الشيطان ألا يسجدوا فأن في موضع نصب لأنها بدل من أعمالهم وقال إذا خففت ألا يا اسجدوا ففيه انقطاع القصة التي كنت فيها ثم تعود بعد إليها وإذا اتصلت القصة بعضها ببعض فذلك أسهل ويجوز أن يكون معناه فصدهم أن يسجدوا وتكون لا داخلة لتوكيد الجحد كما قال وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون معناه أنهم يرجعون لأن الحرام في معنى الجحد وكذلك الصد في معنى الجحد وإنما تدخل لا بمعنى التوكيد إذا كان قبلها جحد مثل قوله: {ما منعك ألا تسجد} ومنه قول أبي النجم: أي أن تسخرا وقال قوم جاءت لا ها هنا لمجيء لا التي في قوله: {فهم لا يهتدون} كما قال: {وما يستوي الأعمى والبصير} فهذا بغير لا ثم قال في النسق عليه ولا الظلمات ولا النور فكرر لا في قوله: {ولا النور} لمجيء لا في قوله: {ولا الظلمات} والتأويل ولا الظلمات والنور فكل موضع دخل لا في مبتدئه حسن أن يدخل لا في خبره على أن تكون زائدة والله أعلم بما أراد.قرأ الكسائي وحفص {ويعلم ما تخفون وما تعلنون} بالتاء فيهما على الخطاب لأن الكلام قد دخله خطاب على قراءة الكسائي اسجدوا لله الذي يعلم ما تسرون وما تعلنون.وقرأ الباقون بالياء فيهما أتوا في سياق الخبر عنهم وحجتهم قوله: {وزين لهم الشيطان أعمالهم} {ألا يسجدوا} وهو يعلم الغيب وما يخفون وما يعلنون هؤلاء الكفرة.{اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم} 28 قرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة فألقه إليهم بإسكان الهاء وقرأ الحلواني بالاختلاس وقرأ الباقون بالإشباع وقد ذكرت الحجة في آل عمران.{فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما ءاتني الله خير مما ءاتاكم} 36 قرأ حمزة {أتمدوني بمال} 2 بنون واحدة مشددة والياء مثبتة في الوصل والوقف والأصل أتمدونني النون الأولى علامة الرفع والثانية نصب ضمير المتكلم المنصوب فأدغم النون في النون ولم يحذف الياء لأنه ليس بفاصل.وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {أتمدونن} بنونين أظهروا ولم يدغموا غير أنهم حذفوا الياء في الوقف لأنها ليست ثابتة في المصحف وأثبت ابن كثير في الوقف.وقرأ ابن عامر وعاصم والكسائي بحذف الياء في الوصل والوقف اجتزؤوا بالكسر عن الياء.قرأ نافع وأبو عمرو وحفص {فما آتاني الله} بفتح الياء وقرأ الباقون بكسر النون من غير ياء.من قرأ بسكون الياء إذا أدرج يحذفها لالتقاء الساكنين الياء ولام التعريف وحذفلوا في الوقف إتباعا للمصحف ومن فتحها فعلى أصل ما يجب لهذه الياء من الفتحة وثبتت ولم تحذف لأنها لا تلتقي ساكنة مع ساكن فيلزم حذفها.وقرأ الكسائي بالإمالة لأن هذه الياء ثابتة في تصرف هذا الفعل وما بمعنى الذي وهو ابتداء وآتاني صلة ما وخير خبره والتقدير فالذي آتاني الله خير.{أنا ءاتيك به} 39 قرأ حمزة: {أنا آتيك} بالإمالة وإنما أمال من أجل لزوم الكسرة في أنا آتي فإذا لزمت الكسرة جاءت الإمالة فأمال الفتحة التي هي همزة المضارعة ليميل الألف في آتي نحو الياء.وقرأ الباقون {أنا آتيك} بغير إمالة لأن الهمزة بابها الفتح ولأنها فاء الفعل فلذلك تركوا الإمالة فإن قيل فما آتاني الله قبلها ممدود لأنه من الإعطاء فلم مددت أنا آتيك وهو من المجيء الجواب في ذلك أن أتى في الماضي يكون مقصورا تقول أتى زيد عمرا فإذا رددت الماضي إلى المستقبل زدت على الهمزة همزة أخرى وهي علامة الاستقبال والثانية فاء الفعل فصيرت الثانية مدة فلذلك صار ممدودا قولك أنا آتيك.{وكشفت عن ساقيها} 44 قرأ القواس {عن سأقيها} بالهمز وقرأ الباقون بترك الهمز وهما مثل كاس وياس وساق والعرب تهمز ما لا يهمز تشبيها بما يهمز فكاس وياس وساق وزنها واحد يشبه بعضها ببعض ألا ترى أن العرب تقول حلأت السويق والأصل حليت تشبيها ب: حلأت الإنسان عن المال والإبل.{قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصدقون} 49 قرأ حمزة والكسائي {قالوا تقاسموا بالله لتبيتنه} بالتاء وضم التاء الثانية {ثم لتقولن} بالتاء أيضا وضم اللام.وقرأ الباقون بالنون فيهما وفتح التاء واللام وحجتهم قوله: {ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون} وجعلوا {تقاسموا} أمرا كأنهم قالوا احلفوا {لنبيتنه} كما تقول قوموا نذهب إلى فلان وإن الذي أمرهم بالحلف داخل معهم وقال الفراء قد يجوز اللفظ {تقاسموا} على هذه القراءة أن يجعل فعلا ماضيا في معنى الحلف ويكون تقاسموا خبرا عنهم فيكون التأويل قالوا متقاسمين بالله لنبيتنه وأهله فحكى لفظهم بعد القول على ما نطقوا.ومن قرأ بالتاء فإنه جعل تقاسموا أمرا أيضا فكأنه قال احلفوا لتفعلن فكأنه أخرج نفسه في اللفظ والنون أجود.قرأ ابو بكر {ما شهدنا مهلك} بفتح الميم واللام وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام.وقرأ الباقون مهلك بضم الميم وفتح اللام جعلوه مصدرا من أهلك يهلك مهلكا وإهلاكا قالوا فيحتمل ضربين يجوز أن يكون إهلاك أهله أي ما شهدنا إهلاك أهله ويجوز أن يكون الموضع أي لم نشهد موضع الإهلاك.ومن فتح الميم واللام جعله مصدرا لهلك يهلك مهلكا مثل ضرب يضرب واسم المكان المهلك بكسر اللام وكل ما كان على فعل يفعل فاسم المكان على مفعل والمصدر على مفعل المعنى ما شهدنا هلاك أهله.وأما رواية حفص {مهلك} اسم المكان المعنى ما شهدنا موضع هلاكهم ومكانهم فيكون المهلك كالمجلس في أنه يراد به موضع الجلوس ويجوز أن يريد بالمهلك المصدر لأنه قد جاء المصدر من فعل يفعل على مفعل قال الله عز وجل إلي مرجعكم.{فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين} قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر إنا دمرناهم بكسر الألف على الابتداء واستئناف خبر وحجتهم أن الكلام متناه عند قوله: {كيف كان عاقبة مكرهم} فعاقبة اسم كان وكيف في موضع نصب خبر كان ويجوز أن يكون كان التي بمعنى وقع وحدث فإذا جعل على معنى وقع كان قوله: {كيف} في موضع حال المعنى على أي حال وقع عاقبة مكرهم أي حسنا وقع عاقبة مكرهم أم سيئا.
|